من حق اليتيم أن يعيش في أمن وأمان

25-11-2023
من حق اليتيم أن يعيش في أمن وأمان
إن الشعور بالأمن والاطمئنان حاجة فطرية وأساسية لكل إنسان، وهو أشد ما يكون إلحاحًا لدى اليتيم الذي فقد أحد أبويه أو كليهما. فاليتيم لا يحتاج إلى الطعام والشراب فحسب، بل يحتاج قبل ذلك إلى بيئة تحميه نفسيًا واجتماعيًا وتمنحه الاستقرار والطمأنينة. وقد جمع الله تعالى بين الطعام والأمان في قوله:
﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾ (سورة قريش: الآية 4)، ليؤكد أن الإنسان لا يستقيم حاله إلا بتحقيق هذين الأمرين معًا.
وفي مناطق الحروب والنزاعات كسوريا وفلسطين وغزة، يتعرض اليتيم لضغوط نفسية هائلة بسبب ما يراه من دمار وقتل وتشريد. فقدان الأبوين أو أحدهما، والتعرض للإصابة، أو فقدان المأوى، وما يرافق ذلك من ألم وحرمان، يترك جروحًا غائرة في نفوسهم البريئة. وقد يحرمهم ذلك حتى من أبسط الحقوق كالنوم الهادئ والشعور بالأمان والاطمئنان، ويدخل في قلوبهم الخوف والرعب.
وللأسف، فإن غياب الأمن والرعاية المتكاملة قد يدفع بعض الأيتام مع مرور الزمن إلى مسالك غير سوية، فيقعون فريسة سهلة للعصابات، أو مروجي المخدرات، أو الجماعات المنحرفة التي تستغل حاجاتهم وضعفهم. وتشير بعض الدراسات الاجتماعية إلى أن نسبة ليست قليلة من قادة العصابات في بعض المجتمعات كانوا يومًا ما من الأيتام الذين لم يجدوا من يحتويهم ويوجههم.
ومن هنا فإن الواجب الإنساني والديني والاجتماعي يحتم علينا — كأفراد ومؤسسات وجمعيات خيرية — أن نسارع لمد يد العون لهؤلاء الأطفال، وأن نعمل على توفير بيئة آمنة لهم تشمل:
برامج دعم نفسي متخصص: تعالج الصدمات التي تعرضوا لها وتساعدهم على التكيف الصحي مع ظروفهم الجديدة.
مراكز تعليمية وتربوية شاملة: تجمع بين التعليم الأكاديمي والمهارات الحياتية والتربية القيمية.
رعاية اجتماعية متكاملة: تشمل الإيواء والكساء والطعام والرعاية الصحية
أنشطة دمج مجتمعي: تساعدهم على الانخراط في المجتمع بطريقة إيجابية وتعيد لهم الثقة بالنفس.
ولا ننسى هنا قول النبي ﷺ:
"أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا"، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما.
إن كفالة اليتيم ليست مجرد إيواء أو إنفاق، بل هي بناء لإنسان سليم نفسًا وجسدًا وعقلًا، قادر على العطاء والنهوض ومساعدة نفسه وأهله ومجتمعه.
لنتذكر جميعًا:
من حق اليتيم أن يعيش في أمن وأمان، ولنجعل ذلك شعارًا نعمل لأجله، لا مجرد كلمات نرددها.
كتبه: محمد شندي الراوي