ظاهرة تشرد الأطفال عالمياً

12-02-2024
ظاهرة تشرد الأطفال عالمياً (أسبابها وعلاجها)
في عالم التمدن والتقدم والمناداة بحقوق الأطفال والفئات الضعيفة، لا يزال الملايين من الأطفال حول العالم يواجهون قسوة التشرد، محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية، أطفال يعيشون في الشوارع أو في ظروف مشابهة، يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في مواجهة الجوع والخطر والاستغلال.
إن ظاهرة تشرد الأطفال ليست مجرد قضية اجتماعية مؤسفة، بل هي انتهاك صارخ لحقوقهم الأساسية في المأوى والأمن والرعاية والكرامة. هذا المقال يسعى إلى التعمق في أسباب هذه الأزمة العالمية، واستعراض آثارها المدمرة، والأهم من ذلك، استكشاف السبل العملية والمستدامة لعلاجها وتمكين هؤلاء الأطفال لاستعادة مستقبلهم.
وتعد ظاهرة أطفال الشوارع في كل دول العالم النامية منها والصناعية المتقدمة مشكلة عالمية بامتياز، وتعد من الظواهر المؤلمة التي تبين مدى التفكك الأسري الذي يعيش فيه المجتمع العالمي ومدى الظُلم الذي يُمارَس ضد هذه الفئة من المجتمع، وقد تباينت التقارير حول حجمها وطبيعتها وأسبابها، فتزايدها المستمر يجعل من هذه الفئة عرضة لتبني السلوك الإجرامي في المجتمع، لذلك تعتبر من أبرز قضايا التي تعاني منها كل دول العالم الحديث وتهدد سلامتها وأمنها وتطورها، والكثير من هؤلاء يتم استغلالهم استغلالا بشعاً من بعض العصابات والسيئين في كل دول العالم، وتعد هذه الظاهرة ظاهرة عالمية منتشرة في شوارع الدول ودهاليز الاجرام والرذيلة.
أطفال أبرياء ليس لهم ذنب الا انهم فقدوا وليَّهم نتيجة ظرف من الظروف أو عدم إحساسه بالمسؤولية تجاههم أو ظلمه لهم مما أحوجهم للعيش في الشارع ليكونوا مادة سهلة لرُوَّاد الجريمة والرذيلة، وعرضة للعنف والاستغلال وتعاطي مواد الإدمان، هؤلاء الأطفال ضحايا يواجهون تحديات نفسية واجتماعية صعبة بسبب فقدانهم لعائلاتهم أو تعرضهم للعنف أو الإهمال، لذا فهم يحتاجون إلى وقوفنا إلى جانبهم ودعمهم ومساعدتهم لإعادة دمجهم في المجتمع.
ما هو التشرد:
عدم امتلاك الفرد لمأوى مناسب للسكن البشري، وقد يتمثل ذلك في الإقامة في أماكن غير مخصصة للسكن، والأطفال المشردون هم من، يُمارسون حياتهم من أكلٍ، وشُربٍ، ونومٍ، وغيرها في الشّوارع أو الحدائق أو الأبنية المهجورة؛ حيثُ يعملُ بعضهم بشكلٍ غير رسميٍّ، ومنهم من لا يعمل، بالإضافة إلى كون علاقاتهم بأُسَرهم توصَفُ بالمُتقطِّعة أو المقطوعة فهم منفصلون تماما عن عائلتهم وعن بيئتهم الاجتماعية، نتيجة لعدة أسباب متنوعة.
خطر التشرد على المجتمع:
تشكل ظاهرة أطفال بلا مأوى خطرًا حقيقيًا على المجتمع، فهي تهدد أمنه وسلامته واستقراره. وقد حاولت بعض الحكومات ومنظمات المجتمع المدني على مدى عقود إيجاد حلول لهذه الفئة، إلا أن التعامل الفعال مع أطفال الشوارع يستدعي تضافر جهود الحكومات، ومنظمات المجتمع المدني، والمجتمع ككل، والأطفال أنفسهم، مع الأخذ في الاعتبار أصواتهم واحتياجاتهم.
حياة الأطفال المشردين ومشاكلهم:
إن حياة الأطفال المشردين محفوفة بالمخاطر، فوجودهم الدائم في الشوارع يجعلهم عرضة لمعدلات وفيات مرتفعة مقارنة بأقرانهم. كما أنهم يواجهون خطرًا دائمًا بالاستغلال والاعتداء الجسدي والجنسي والاختطاف والإتجار بهم وسرقة أعضائهم من قبل شبكات إجرامية عديمة الضمير، وكثيرًا ما يُحرمون من المأوى المناسب والغذاء والخدمات الصحية الأساسية، ويفتقدون لفرص التعليم الكافية والمناسبة، مما يؤثر سلبًا على تطورهم العقلي والاجتماعي ويحد بشكل كبير من فرصهم في المستقبل.
تعاطي المخدرات كآلية للتكيف:
في محاولة يائسة لتحمل قسوة الحياة اليومية، يلجأ بعض أطفال الشوارع إلى تعاطي مواد الإدمان. ففي مصر، على سبيل المثال، قُدِّر عدد المشردين بملايين، بينهم نسبة كبيرة من الأطفال. وتشير الدراسات إلى أن مواد التنشّق تتصدر قائمة المخدرات المستهلكة بين هذه الفئة، حيث يشم الأطفال الغراء لتخدير جوعهم وألمهم وعنف الشوارع. وغالبًا ما يفضلون هذه المواد لرخص ثمنها وطول مدة تأثيرها، دون إدراك كامل للأخطار الصحية والنفسية المدمرة المترتبة على تعاطي المخدرات أو بتجاهل لها في ظل ظروفهم القاسية.
عدد المشردين في العالم:
زاد عدد المشردين قسريا حول العالم بنحو 2.3 مليون مقارنة بالعام الماضي ليصل إجمالي العدد إلى نحو 70.8 مليون مشرد، طبقا لتقرير الاتجاهات العالمية السنوي الذي تصدره المفوضية.
عدد الأطفال المشردين في العالم:
تُشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه بحلول نهاية عام 2022، قدّرت اليونيسف أن 43.3 مليون طفل يعيشون في نزوح قسري بسبب النزاع والعنف، وهو رقم قياسي. ويشمل ذلك الأطفال النازحين داخليًا واللاجئين.
في تحديث أحدث للبيانات، ذكرت اليونيسف أنه حتى نهاية عام 2023، نزح حوالي 47.2 مليون طفل بسبب النزاع والعنف. يشمل هذا العدد ما يقارب 19.1 مليون طفل لاجئ وطالب لجوء، وما يُقدر بنحو 28.1 مليون طفل نازح داخليًا.
وتشير التقديرات القديمة، التي كثيرًا ما تستشهد بها المنظمات العاملة في هذا المجال، إلى أن العدد الإجمالي لأطفال الشوارع في جميع أنحاء العالم قد يصل إلى ما بين 100 و150 مليون طفل. ويشمل هذا الرقم الأطفال الذين يُعتبر الشارع موطنهم و/أو مصدر دخلهم.
عدد المشردين في أمريكا:
تظهر بيانات مركز القانون الوطني لمكافحة التشرد والفقر (مركز أميركي غير حكومي) أن نحو ثلاثة ملايين يعيشون تجربة التشرد سنويا في الولايات المتحدة. منهم 350 ألفا من الأطفال.
وقد وصل عدد الأطفال الذين يعانون من التشرد إلى مستوى قياسي في عام 2024، حيث عانى ما يقرب من 150,000 طفل من التشرد في ليلة واحدة.
عدد المشردين في مصر:
يعد التشرد في مصر مشكلة وقضية اجتماعية كبيرة حيث يوجد حوالي 12 مليون شخص في البلاد يعاني من سوء السكن وعدم مناسبته لشروط السكن النظامية، ويضطر بعض المشردين لبناء أكواخ ومساكن أخرى لأنفسهم. ويتم تعريف التشرد في مصر بحيث يشمل أولئك الذين يعيشون في مساكن عشوائية، ووفقًا لليونيسيف هناك مليون طفل يعيشون في الشوارع في مصر، وهو رقم يقترب مما صدر عن مؤسسة حكومية رسمية، هي الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في دراسة له عن عمالة الأطفال، حيث قدّر عدد المتسولين بالشارع منهم، مع الذين يعملون بالورش والمصانع بحوالي 1.6 مليون طفل.
الأطفال المشردين في سوريا:
عانت سوريا في السنوات الأخيرة من أزمة نزوح وتشرد واسعة النطاق، سواء داخل البلاد أو خارجها، وقد تفاقمت ظاهرة التشرد في معظم المحافظات السورية، وأصبحت مشكلة إنسانية تتطلب جهودًا دولية متضافرة، وقد كان للأطفال نصيب الأسد من هذا التشرد، حيث تشير التقديرات إلى وجود أعداد كبيرة منهم في الشوارع ومخيمات النزوح، على الرغم من صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة بسبب الظروف الأمنية والإنسانية المعقدة.
ما واجبنا نحو أطفال الشوارع:
إن واجبنا تجاه هؤلاء الأطفال يتجاوز مجرد الشفقة، بل يرتكز على مسؤوليتنا الإنسانية والأخلاقية والقانونية تجاههم.
يجب علينا كفالتهم بصورة تحفظ كرامتهم وإنسانيتهم، وتهيئة البيئة الداعمة لنموهم السليم، ودعمهم ليكونوا أفرادًا فاعلين ونافعين في المجتمع. ومع تنامي هذه الظاهرة وتزايد مخاطرها، تقع على عاتقنا مسؤولية كبرى وواجب ملح يستدعي الإسراع برعايتهم وإعادة تأهيلهم لدمجهم في المجتمع.
إن هذا الواجب هو مسؤولية مشتركة بين الأفراد، والمجتمع المدني، والحكومات، والمنظمات الدولية. يجب علينا أن نغير نظرتنا المجتمعية السلبية تجاههم، وأن نستمع إلى أصواتهم ونفهم احتياجاتهم ووجهات نظرهم، فهم ليسوا مجرمين بالفطرة بل ضحايا لظروف قاهرة.
دور المجتمع في علاج تشرد الأطفال:
حيث إن نجاح برامج الحماية الحكومية والأهلية مرهون إلى حد كبير بوجود اتجاهات اجتماعية ايجابية تجاه الأطفال المشردين، وهذا جانب مهم وأساسي لعلاج وحماية الأطفال المشردين، كما أن إعادة دمج أطفال الشوارع في المجتمع يسهم في الاستفادة من قدراتهم بشكل إيجابي، للمساعدة في تنمية المجتمع، بدلا من أن يتحولوا إلى قنبلة موقوتة تهدد المجتمع، أو يتعرضوا لأشكال مختلفة من الاستغلال والجريمة.
الآثار المترتبة على تشرد الأطفال:
للتشرد أثار كثيرة وكبيرة، وخاصة على فئة الأطفال واليافعين منها:
- الآثار الصحية:
يواجه المشردون تحديات صحية كبيرة بسبب ضعف الوصول إلى الرعاية الطبية والنظافة الشخصية والسكن اللائقة؛ فالشّارع - وإنْ قدّم الحدّ الأدنى من الغذاء ليبقيه حيّاً - لا يُقدّم له احتياجاته الغذائيّة الأساسيّة التي يطلبها جسمه؛ لتحقيق مُتطلَّبات نُموّه في هذه المرحلة، كما يكون مُعرَّضاً في بيئة الشّارع الخطِرة للكثير من الأمراض الخطيرة، مثل: أمراض العيون، والجرَب، والتّيفوئيد، وأمراض الصّدر.
- الآثار النفسية والعاطفية:
يعاني المتشردون من ضغوط نفسية وعاطفية كبيرة، ويكونون عرضةً للإصابة بالعديد من الأمراض النفسية، كانفصام الشخصية، والاكتئاب، والقلق، والاضطراب الثنائي القطب، والاضطرابات المُتعلقة بتعاطي المخدرات، ويُشير معظم العُلماء أنّ الأمراض العقلية والتشرد يخضعان لعلاقة وثيقة، والتي يمكن وصفها بالعلاقات المُعقدة الثنائية الاتجاه، إذ تسبّب الإصابة بالأمراض العقلية ، والانحرافُ، وسوءُ التّعاملِ والتّأقلم مع البيئة المُحيطة به، حيثُ إنّه غير مُهيَّأٍ بدنيّاً ونفسيّاً لممارسة عددٍ كبيرٍ من الأعمال؛ وذلك لعدمِ اكتمالِ نموّه في هذه المرحلة العمريّة، وما يتبعها من أزماتٍ نفسيّة، كما أنّه غيرُ مُهيَّأٍ نفسياً للتّأقلم والتّعامل مع مجتمعِ كبار السّن، ممّا قد يُعرِّضه إلى انحرافاتٍ خطيرةٍ، وإحباطاتٍ تؤثّر تأثيراً كبيراً على مستقبله.
- الآثار الاجتماعية:
قد يؤدي التشرد إلى فقدان الارتباط الاجتماعي والانفصال عن الأسرة والمجتمع.
- التشرد من أسباب ظهور الجريمة في المجتمع حيث يضطر الأطفال المشردون إلى السرقة للحفاظ على حياتهم وللحصول على الطعام والملبس وقد يصل الأمر إلى القتل بهدف الحصول على المال وتعاطي المخدرات وترويجها، بالإضافة إلى اختلاطهم بمن يكبرونهم سِنّاً، ممّا قد يُؤدّي إلى انخراطهم في شبكاتٍ مُنظَّمة من العصابات الاجرامية؛ تقوم على استغلال هؤلاء الأطفال وتستخدمهم في الجريمة بكل أنواعها، إذ قد يعملون ضمن هذه العصابات في الدّعارة، والسّرقة، وتجارة المُخدّرات، ممّا يعودُ بآثار ضارّة على أمن المجتمعِ.
- الآثار التعليمية:
يسود بين المشردين الجهل والتخلف، ويكون التشرد سببًا رئيسيًا في زيادة الأمية وحرمان الأطفال من فرص اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة لمستقبل أفضل.
- الشعور بالوحدة والاكتئاب:
يعاني الكثير من الأطفال المشردين من شعور عميق بالوحدة والاكتئاب والقلق بسبب افتقارهم إلى الدعم والرعاية الاجتماعية والأسرية.
- الآثار على المدى الطويل: إن تجربة التشرد في الطفولة يمكن أن تخلق دورة فقر مستمرة، حيث يحرم الأطفال من التعليم والمهارات اللازمة للخروج من دائرة الفقر في المستقبل. كما يمكن أن تترك مشاكل صحية مزمنة نتيجة لسوء التغذية والأمراض والإصابات التي تعرضوا لها في الشارع. بالإضافة إلى ذلك، قد يواجهون صعوبات في بناء علاقات صحية في المستقبل نتيجة للصدمات النفسية وعدم الثقة التي نشأت لديهم. وللأسف، تزيد احتمالية الانخراط في الجريمة في المستقبل نتيجة لليأس وعدم وجود فرص بديلة.
- الآثار على المجتمع ككل: لظاهرة تشرد الأطفال تكلفة باهظة على المجتمع، سواء من حيث زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية والأمنية للتعامل مع المشاكل المرتبطة بالتشرد، أو من حيث تآكل النسيج الاجتماعي والشعور بعدم الأمان والاستقرار.
أسباب مشكلة أطفال الشوارع:
هناك أسباب عدة تؤدي الى تفاقم أعداد أطفال الشوارع وتزايدها ومن أبرز هذه الأسباب:
الحروب بشكلٍ عام والتوترات السياسيّة:
التي تحدث في عدد من الأماكن حول العالم، وتؤثر سلبًا على المجتمعات بشكل مباشر وغير مباشر، مما يؤدي إلى نزوح الأسر وتفككها وتشرد الأطفال.
التوزيع غير العادل للثروة والفرص: حيث يساهم الفقر المدقع وعدم المساواة الاقتصادية في حرمان الأسر من توفير الاحتياجات الأساسية لأطفالها، مما يدفعهم إلى الشارع بحثًا عن سبل العيش.
ضعف أنظمة الحماية الاجتماعية: قصور في توفير شبكات الأمان الاجتماعي الفعالة التي تحمي الأسر الهشة والأطفال المعرضين للخطر من الوقوع في براثن التشرد.
السياسات الحكومية غير الكافية: عدم وجود استراتيجيات وطنية شاملة ومتكاملة لمكافحة التشرد وحماية الأطفال، وعدم تخصيص الموارد الكافية لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.
تأثير التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية: كيف تزيد هذه العوامل من حالات النزوح الجماعي وتدمير سبل العيش، مما يؤدي إلى تشرد الأطفال وفقدانهم لمعيليهم.
التّفكُّك الأُسريّ:
فتشتت الأطفال بين الأب والأم بعد انفصالهما، وعدم وجود رعاية مستقرة ومسؤولة، يدفع الأطفال إلى الشارع بحثًا عن الاستقرار أو هربًا من النزاعات الأسرية.
العُنف الأُسريّ:
إذ إن عدم الاهتمام بالأطفال واحتياجاتهم الأساسية، بالإضافة إلى العنف الجسدي والنفسي والإهمال، قد يدفع بهم إلى الشارع بحثًا عن الأمان والحماية.
اليُتْم:
فقدان أحد الوالدين أو كليهما يسبب ضعف الرقابة والمتابعة للأطفال أو انعدامهما، مما يزيد من خطر انضمامهم إلى أطفال الشوارع.
القسوة:
سواء كانت القسوة من قبل الوالدين، أو أقارب الطفل، أو المحيطين به، أو حتى من مجتمع المدرسة، يمكن أن تدفع الطفل إلى الهروب من بيئة مؤذية.
دخول الوالدين أو أحدهما لعالم الجريمة:
حيث قد يمارس الوالدان أو أحدهما أعمالًا غير قانونية، مما يؤدي بهم في نهاية المطاف إلى السجن أو الهروب، وبالتالي يبقى أطفالهم بدون رعاية، مما يزيد من احتمالية انضمامهم إلى أطفال الشوارع.
الظّروف الاقتصاديّة الصّعبة:
للفقر والبطالة، وفقدان الوظيفة دور كبير في زيادة أطفال الشوارع، حيثُ لا تستطيع بعضُ الأُسَر توفير حاجات أبنائها الأساسيّة، من: مأكلٍ، ومشربٍ، ومكان إقامة، وعلاج، وخاصة عند وجود الاضطرابات العقلية والحركية والأمراض، واضطرابات الإدمان، لدى بعض الأطفال أو أحد افراد الأسرة، ممّا يدفعها للسّماح للأطفال بالعمل في الشّارع؛ للمساعدة في تأمين الاحتياجات.
الصحة النفسية للوالدين: تأثير الأمراض النفسية غير المعالجة والإدمان على قدرة الوالدين على توفير بيئة مستقرة ورعاية مناسبة لأطفالهم.
العنف القائم على النوع الاجتماعي: كيف يؤدي العنف ضد المرأة إلى تفكك الأسر ونزوحها وتشرد الأطفال الذين يشهدون هذا العنف أو يصبحون ضحاياه بشكل مباشر أو غير مباشر.
الهجرة غير النظامية: المخاطر التي يتعرض لها الأطفال المهاجرون غير المصحوبين بذويهم، والذين غالبًا ما ينتهي بهم المطاف في الشوارع في بلدان غريبة.
سوء البيئة المحيطة: قد تؤدي مجاورة الأشخاص المنحرفين أو العيش في أحياء فقيرة تعاني من العنف والجريمة إلى انحراف الأطفال وانضمامهم إلى أقرانهم المشردين.
التسرُّب المدرسيّ:
إنّ أساليبَ التّعليم الشّديدة الصّارمة، وعدم قدرة بعض الآباء على تحمُّل مصاريف الدّراسة تدفعُ بالأطفال إلى الهروب، وتركِ المدرسة، والانخراط في بيئة الشّوارع.
أسباب مُتعلِّقة بالأطفال أنفسِهم:
كحب التملك والاستقلالية؛ فقد يلجأ بعض الأطفال للشارع لتلبية رغباتهم في العمل وتلبية احتياجاتهم، والميل للحرية والهرب من الأجواء الأسرية السيئة، والشعور بعدم الاهتمام بالطفل عاطفيًا، مما يجعله يلجأ للشارع لتلبية حاجاته العاطفية والمادية.
علاج مشكلة أطفال الشوارع:
يجب فهم ظاهرة التشرد والتعامل مع أطفال الشوارع بطرق وأساليب خاصة تراعي احتياجاتهم وظروفهم. وعلى الأفراد والهيئات والجمعيات وأجهزة الدولة والمجتمع بشكل عام التعاون لحل هذه المشكلة من خلال تبني استراتيجيات شاملة ومتكاملة. ومن الأساليب التي تساعد على علاج هذه الظاهرة، ما يلي:
- الشراكة مع المجتمع المدني وقطاع الأعمال ودعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
- تقديم خدمات الإعاشة والمسكن الأمن لهم.
- تأهيل هؤلاء الأطفال للعودة الى المدرسة الاندماج في المجتمع من خلال توفير فرص العمل والتعليم ببرامج خاصة بهؤلاء والاستعانة بالوسائل التعليمية المتنوعة.
- الاهتمام بالجانب الروحي في التعامل مع هؤلاء.
- دمج أطفال الشارع بدور الرعاية الاجتماعية.
- مد يد العون للمؤسسات التي تهتم بهذه الفئة.
- تطوير قدرات المؤسسات التي تهتم برعاية هؤلاء.
- اتاحة فرص للتعبير عن دواخلهم وإتاحة اللعب واللهو المباح لهؤلاء وإقامة رحلات لهم.
- تطوير البرامج والأنشطة المتعلقة بتأهيل هؤلاء الأطفال.
- ضرورة مساعدة الأطفال على فهم ذاتهم والتعبير عنها بصراحة. تنمية شعور الطفل بالثقة بالنفس والإحساس بالكرامة الإنسانية لديهم.
- تقديم الأنشطة التربوية والترفيهية لأطفال الشوارع حسب احتياجاتهم.
- تقديم كل أنواع الرعاية الصحية والدعم النفسي المناسب لأطفال الشوارع.
- الاهتمام بهم والتقرب منهم وإظهار الاحترام والمحبة لهم.
- قضاء بعض الوقت معهم، وعرض المساعدة في أي شيء يحتاجونه..
- تفهم وضعهم واحتياجاتهم وارشادهم ونصحهم بحب وحنان.
- التخلص من الصورة النمطية المأخوذة عنهم.
- إنشاء مؤسَّسات اجتماعيّة، تهتمّ بالتّدخل المُبكّر لحماية الأطفال وأُسَرهم من أنواع العنف والاستغلال المختلفة، ومن الضّروري أيضاً التّدخل لحماية الأطفال العاملين في بيئات ضارّة وغير آمِنة، ومنذ سنّ مُبكّر.
- تطوير برامج مكافحة الفقر، وزيادة أعداد مكاتب الاستشارات الأسريّة، وتفعيل دورها وتحسينها.
- إنشاء مراكز مهمّتها تأهيل أطفال الشّوارع نفسيّاً ومهنيّاً.
- إنشاء أماكن رعاية خاصّة بهم؛ فمن المُهمّ أن يتمَ توفير هذه الأماكن؛ لتلبية احتياجاتهم الأساسيّة.
- تعيين أخصّائيّين اجتماعيّين؛ للعناية بهم، ومناقشة مشاكلهم وحلولها.
- دراسة كل حالة على حدة: ومعرفة الظروف التي أودت بهم إلى هذه الحالة، بهدف إكساب الفرد مهارة التعامل مع كل حالة من حالات التشرد بشكل مناسب -لخصوصيتها - ومحاولة إيجاد الحلول لها، فأولى الخطوات المُتبعة في حل مشاكل المُشردين تبدأ في تفهّم احتياجاتهم ودراسة حالاتهم.
دور المجتمع في علاج مشكلة أطفال الشوارع:
يُعدّ دور المجتمع أساسيًا في علاج مشكلة تشرد الأطفال والحد منها من خلال:
- نشر الوعي حول ظاهرة تشرد الأطفال وأسبابها وآثارها السلبية على الأطفال وعلى المجتمع من خلال حملات التوعية في المدارس والجامعات والمجتمعات المحلية.
- استخدام وسائل الإعلام المختلفة لنشر معلومات صحيحة عن تشرد الأطفال، وتغيير الصورة النمطية عنهم وتفعيل دور الإعلام بوسائله المختلفة؛ لزيادة وعي المجتمع، وتحريك الرّأي العامّ حول هذه الظّاهرة، وأهميّة مُكافحَتها، وعمل تقارير توعوية ونشرها عبر وسائل النشر المختلفة.
- توفير نظامٍ اجتماعيٍّ يهتمّ بتفعيل آليّةٍ لرصد أطفال الشّوارع المُعرَّضين للخطر، وضبطهم.
- دعم البرامج التي تُساعد الأطفال المشردين على المجتمع دعم البرامج التي تُساعد الأطفال المشردين وإعادة دمجهم في المجتمع.
- التطوع لمساعدة الأطفال المشردين وتقديم الدعم لهؤلاء الأطفال من خلال التطوع في المؤسسات التي تُعنى برعايتهم، والمشاركة في البرامج التي تُنظّمها المؤسسات لرعاية الأطفال المُشرّدين، مثل برامج التأهيل والتعليم وغيرها.
- دعم المؤسسات التي تُعنى برعاية الأطفال المُشرّدين ماديًا ومعنويًا، والتبرع لها بتقديم الدعم المالي والعيني كالتبرع بالمواد التي يحتاجها الأطفال، مثل الملابس والطعام والأدوات المدرسية الخ.
- تشجيع ظاهرة تبني (المقصد الرعاية والكفالة دون الحاقه بنسبه) من قبل العوائل التي ترغب في تربية ورعاية هؤلاء الأطفال وذلك لمنحهم فرصة لحياة أفضل.
- شعور كل فرد في المجتمع بالمسؤولية تجاه الأطفال المُشرّدين، ومعاملة الأطفال المُشرّدين باحترام وتقدير.
- دعم الأسر الفقيرة التي قد تُضطر إلى التخلي عن أطفالها بسبب الظروف الصعبة.
- التعاون مع جميع الجهات المعنية لحل مشكلة تشرد الأطفال، مثل الحكومة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني.
- دعم القوانين التي تُحمي الأطفال من التشرد والاستغلال، والمطالبة بتطبيق هذه القوانين بشكل صارم، وتشريع القوانين التي تضمن حماية المُشرّدين من الانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل الغير؛ مثل: التشهير، والتمييز، والمعاملة السيئة، والاستغلال.
معايير العمل الخيري والإنساني في التعامل مع أطفال الشوارع:
إن التعامل مع أطفال الشوارع يجب أن يرتكز على مجموعة من المعايير الأخلاقية والإنسانية التي تضمن حماية حقوقهم وكرامتهم وتلبية احتياجاتهم بشكل فعال ومستدام. من أهم هذه المعايير:
الكرامة والاحترام: يجب التعامل مع كل طفل بكرامة واحترام كاملين، بغض النظر عن ظروفه أو مظهره أو سلوكه.
عدم التمييز: تقديم الخدمات والدعم لجميع الأطفال المشردين دون أي تمييز على أساس الجنسية، أو العرق، أو الدين، أو الوضع الاجتماعي، أو أي عوامل أخرى.
المصلحة الفضلى للطفل: يجب أن تكون مصلحة الطفل الفضلى هي الاعتبار الأول والأسمى في جميع القرارات والإجراءات المتعلقة به.
الحماية من الأذى والاستغلال: اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية الأطفال من جميع أشكال العنف والإساءة والاستغلال، بما في ذلك الاستغلال الجنسي والجسدي والاقتصادي.
المشاركة وحقوق الطفل: احترام حق الطفل في التعبير عن آرائه بحرية في جميع المسائل التي تؤثر عليه، وأخذ هذه الآراء على محمل الجد.
المساءلة والشفافية: ضمان مساءلة المنظمات والأفراد العاملين في هذا المجال عن أفعالهم وقراراتهم، والشفافية في استخدام الموارد والإعلان عن النتائج.
الاستدامة والأثر: تصميم وتنفيذ برامج تهدف إلى تحقيق أثر إيجابي ومستدام في حياة الأطفال على المدى الطويل، ومعالجة الأسباب الجذرية للمشكلة.
التعاطف والتفهم: التعامل مع الأطفال بتعاطف وتفهم عميق لظروفهم الصعبة والتحديات التي يواجهونها.
بناء الثقة: العمل على بناء علاقات ثقة قوية مع الأطفال من خلال الصدق والشفافية والالتزام.
التركيز على التمكين: تمكين الأطفال من تطوير قدراتهم ومهاراتهم ليصبحوا أفرادًا مستقلين وقادرين على بناء مستقبل أفضل لأنفسهم.
توصيات:
للأفراد: زيادة الوعي حول القضية، تغيير النظرة السلبية تجاه أطفال الشوارع، التطوع في المنظمات العاملة في هذا المجال، التبرع بالمال أو المواد الأساسية، دعم حملات التوعية، ومعاملة الأطفال المشردين باحترام وتقدير.
للمجتمع المدني: تطوير برامج شاملة ومتكاملة للرعاية والتأهيل، بناء شراكات مع الحكومة والقطاع الخاص، رفع أصوات الأطفال المشردين والدفاع عن حقوقهم، إجراء البحوث والدراسات لفهم أعمق للمشكلة، وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات.
للحكومات: وضع استراتيجيات وطنية شاملة لمكافحة التشرد وحماية الأطفال، تخصيص الموارد الكافية لتنفيذ هذه الاستراتيجيات، سن وتطبيق قوانين تحمي الأطفال من التشرد والاستغلال، تعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية، دعم منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال، وتوفير التعليم والرعاية الصحية الشاملة للأطفال المشردين.
وفي الختام:
تظل ظاهرة تشرد الأطفال أزمة عالمية مُقلقة تستدعي تحركًا عاجلًا ومنسقًا على جميع المستويات. للحد من هذه الظاهرة وتوفير مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال الأبرياء، يجب على الحكومات والمجتمعات ومنظمات المجتمع المدني والأفراد العمل معًا لتوفير برامج ومبادرات فعالة وشاملة تهدف إلى منع التشرد وحماية الأطفال المشردين وإعادة دمجهم وتمكينهم في المجتمع.
معًا، وبإيماننا بحقوق هؤلاء الأطفال وإمكانياتهم، يمكننا أن نحدث فرقًا حقيقيًا ونمنحهم فرصة ثانية لحياة كريمة وآمنة ومستقبل مشرق
شعارنا:
معًا، يمكننا أن نُحدث فرقًا في حياة أطفال بلا مأوى.
كتابة وإعداد: محمد شندي الراوي
رئيس مجلس إدارة وقف دعم الأيتام
مدير عام جمعية الشام لرعاية وكفالة الايتام